في أعقاب الزلزال الذي ضرب إسطنبول في 23 أبريل بقوة 6.2 درجات، تجددت الدعوات لتسريع وتيرة التحول الحضري في المدينة. ومع تزايد المخاوف من الزلازل المستقبلية، أطلقت الحكومة التركية حملة “نصفه منا” لتشجيع المواطنين على إعادة بناء منازلهم في بيئة آمنة وحديثة.
وقد تم مؤخرًا رفع قيمة الدعم الحكومي ضمن الحملة من 700 ألف ليرة إلى 875 ألف ليرة، ليبلغ إجمالي المساهمة المقدمة لتحويل المنزل في إسطنبول 1.875 مليون ليرة تركية. هذا الدعم شكّل بارقة أمل للعديد من العائلات التي كانت تعاني من العيش في مبانٍ مهددة بالانهيار.
عائلات حصلت على الأمان خلال عام واحد فقط
نورية تشابكان، أم لطفلين تبلغ من العمر 44 عامًا وتعيش في منطقة أفجيلار، روت تجربتها مع الحملة، مشيرة إلى أن مبناهم القديم كان قد بُني عام 1996 ويعاني من تشققات وضعف في البنية التحتية.
“سمعنا بالحملة من الأخبار، وبدأنا إجراءات التحول. خلال عام واحد فقط، حصلنا على منزلنا الجديد. تقدمنا أولًا عبر e-Devlet، وبعد أن وصل المشروع إلى مرحلة معينة، قدّم المقاول الطلب الجماعي. تم قبول الملف خلال وقت قصير جدًا.”
وتابعت قائلة:
“المساحة أصبحت أصغر قليلًا، لكن المهم أن البناء أصبح آمنًا. لم يكن لدينا مصعد من قبل، الآن أصبح لدينا، وكذلك موقف سيارات ومأوى. في السابق لم يكن المنزل عمليًا على الإطلاق.”
اخ
“النوم بلا قلق.. واستقرار في الزلازل”
وأشارت تشابكان إلى تحسن حالتها النفسية بعد الانتقال إلى منزلها الجديد:
“كنت أعاني من مشاكل في النوم لسنوات. الآن لا يوجد قلق. في أحد الزلازل كنا نتناول الطعام ولم نشعر بشيء. في زلزال 23 نيسان، كنا خارج المدينة، وعند عودتنا لم تسقط حتى المكنسة المستندة إلى الحائط. بينما نام الناس في الشوارع، نمنا نحن في بيتنا”.
ودعت المواطنين إلى عدم التأخير في اتخاذ الخطوة:
“هذه فرصة لا تُعوّض، خاصة أننا نعيش في بلد زلزالي. لا نعلم متى يقع الزلزال، لكن على الأقل نأخذ بالأسباب.”
“الدولة تقدم دعمًا جادًا وملموسًا”
أما علي تشيفتشي، أحد المستفيدين من سكان منطقة كوتشوك شكمجة، فأكد أن المبنى الذي كانوا يسكنونه شُيّد باستخدام رمال البحر، وهو ما زاد من خطورته. بعد زلازل كهرمان مرعش، قرروا الهدم والتقدّم إلى حملة “نصفه منا”.
“عندما سمعت بالحملة، أخبرت الجميع بها. الإجراءات استغرقت بعض الوقت، لكنها كانت منقذة. من دون هذا المشروع، كنا سنتوقف عند مرحلة الطوب فقط.”
وأوضح تفاصيل الدعم المالي الذي حصل عليه:
“في وقتنا، دفعنا 10% فقط كمقدّم بعد تأسيس الملكية الطابقية، وبعدها استلمنا باقي الدعم بعد الفحوصات والتراخيص. حتى دعم الإيجار استلمناه نقدًا على دفعتين، وكان بمثابة شريان حياة لنا.”
راحة نفسية في مواجهة الزلازل
تحدث تشيفتشي عن مخاوفه السابقة من الزلازل التي عاشها في منزله القديم، وقال:
“مبنانا كان قديمًا ومتعبًا، وقد مرّ بزلازل سابقة مثل زلزال 1999. كنا نعيش بقلق دائم. الآن نحن أكثر راحة. في الزلازل الأخيرة لم أغادر منزلي، وأخبرت أولادي بأن بيتنا آمن. طبعًا الأمر بيد الله، لكنني أشعر براحة أكبر من قبل.”
ووصف المبادرة بأنها دعم ممتاز قائلاً:
“في رأيي، الحملة ممتازة، ودعم الدولة فعّال جدًا. تمت إضافة زيادات على ما حصلنا عليه سابقًا، وهذا يجعلها مناسبة لظروف اليوم. أنصح الجميع بالاستفادة منها.”
تحوّل حضري مستمر من أجل مدينة أكثر أمانًا
بفضل حملة “نصفه منا”، يواصل التحول الحضري في إسطنبول طريقه بثقة وثبات، مع دعم حكومي يتزايد بحسب الحاجة. وبالرغم من التحديات، فإن تجارب المواطنين تُظهر أن التحول ممكن، وأن الأمان السكني لم يعد حلمًا بعيدًا.