في مؤتمر صحفي عقدته وزارة الدفاع التركية، وجّهت أنقرة رسالة واضحة إلى اليونان والدول الأوروبية، مؤكدة أن استبعاد تركيا من المشاريع الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن والدفاع لا يُعد خطوة ذكية ولا يدل على حسن النية، مشددة على أن أنقرة ستواصل توضيح “قوتها الحقيقية” لكل من يجهلها أو يتجاهلها.
وجاء التصريح الصارم على لسان الناطق باسم وزارة الدفاع التركية، العميد البحري زكي أكتورك، الذي تحدث خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي في مقر الوزارة، تابعه موقع تركيا الان٬ حيث قدّم عرضًا شاملًا حول الأنشطة العسكرية التركية في الداخل والخارج، إضافة إلى آخر المستجدات السياسية والأمنية المرتبطة بجوار تركيا الإقليمي والدولي.
وقال أكتورك: “نقل الخلافات الثنائية إلى منصات متعددة الأطراف، واتباع نهج يستبعد بلادنا، لا يُعد تصرفًا حسن النية، ولا خطوة ذكية. وسنواصل توضيح قوة تركيا لمن لا يدركونها”.
وأشار إلى أن القوات المسلحة التركية تواصل عملها على مدار الساعة من أجل حماية الوطن، ومواجهة كافة التهديدات التي تستهدف وحدة البلاد وسلامة أراضيها، وعلى رأسها التنظيمات الإرهابية.
وأضاف أن العمليات الأمنية والاستخباراتية المكثفة التي تنفذها تركيا مستمرة بلا توقف، مشيرًا إلى أن “أربعة عناصر من منظمة بي كي كي الإرهابية سلموا أنفسهم الأسبوع الماضي بعد فرارهم من مناطق الإيواء شمال العراق”. كما لفت إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد اللوجستية في مغارات التنظيم ضمن نطاق عملية “المخلب ـ القفل”، حيث جرى تدميرها بالكامل.
فيما يتعلق بحماية الحدود، أوضح أكتورك أن تركيا شددت الإجراءات الأمنية إلى أقصى مستوياتها، مشيرًا إلى أنه “تم القبض على 146 شخصًا حاولوا العبور بشكل غير قانوني خلال الأسبوع الماضي فقط، بينهم عنصران من تنظيمات إرهابية”. ومنذ بداية العام الجاري، بلغ عدد الموقوفين أثناء محاولة التسلل 2,179 شخصًا، في حين بلغ عدد الأشخاص الذين تم منعهم من دخول البلاد بطريقة غير قانونية هذا الأسبوع فقط 1,443 شخصًا، ليصل المجموع السنوي حتى الآن إلى أكثر من 33,627 شخصًا.
وأشار كذلك إلى أن القوات الأمنية تمكنت من ضبط نحو 13 كيلوغرامًا من المواد المخدرة خلال عمليات تفتيش وتمشيط في منطقة وان الحدودية.
الملف السوري: عودة كريمة واستقرار دائم
وفيما يتعلق بالملف السوري، شدد أكتورك على أن تركيا تواصل جهودها لترسيخ الاستقرار في شمال سوريا، بما يضمن عودة اللاجئين السوريين بشكل طوعي وآمن وكريم. وقال: “تتواصل عمليات إزالة الألغام والمتفجرات اليدوية والأنفاق في مناطق العمليات دون توقف”، مؤكدًا استمرار التعاون الوثيق لتحقيق الأمن الدائم في سوريا وتعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية.
وأضاف أن مدير عام الدفاع والأمن في وزارة الدفاع التركية، اللواء “إلك اي ألتين داغ”، ترأس وفدًا عسكريًا زار سوريا في 20 مايو الجاري، حيث التقى بوزير الدفاع السوري وتبادلا وجهات النظر حول مجالات التعاون العسكري والتنسيق المشترك.
رد حازم على محاولات اليونان “إقصاء تركيا”
وفي رد مباشر على محاولات وزارة الخارجية اليونانية استبعاد تركيا من مشاريع الدفاع التابعة للاتحاد الأوروبي، قالت مصادر في وزارة الدفاع التركية: “محاولات تجاهل الدور الحيوي الذي تلعبه تركيا في منطقتها، وأهميتها بالنسبة لأمن أوروبا، محكوم عليها بالفشل”.
وأكدت المصادر أن “تركيا باعتبارها عضوًا في الناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وبلدًا مرشحًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تُعد جزءًا لا يتجزأ من الهيكل الأمني الأوروبي من خلال صناعاتها الدفاعية المتقدمة، والدور الفعّال الذي تؤديه في حل الأزمات الإقليمية، وجيشها القوي”.
وأضافت: “الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لا يزال هدفًا استراتيجيًا لتركيا، وسنواصل إيصال رسالة قوتنا إلى من لا يدركونها”.
“رؤية استراتيجية شاملة”
مصادر وزارة الدفاع التركية شددت كذلك على ضرورة اعتماد الاتحاد الأوروبي لنهج رؤيوي واستشرافي، يقوم على الشمولية والتعاون الاستراتيجي طويل الأمد. وأضافت: “تعزيز الأمن الأوروبي لن يتحقق إلا من خلال التضامن الجماعي، ورؤية استراتيجية طويلة المدى تأخذ بعين الاعتبار الشراكات الحقيقية في مجالات الدفاع، مكافحة الإرهاب، ومنع الهجرة غير النظامية”.
التصريحات اليونانية حول “مزاعم بونتوس”
وفي سياق متصل، علّقت وزارة الدفاع التركية على التصريحات الصادرة عن السلطات اليونانية بمناسبة ما يُعرف بـ”مزاعم إبادة بونتوس” في 19 مايو، قائلة: “مهما حاولوا تشويه تاريخنا المجيد عبر مزاعم باطلة، فلن يستطيعوا تغيير الحقائق”.
وأضافت: “الجهات التي تسعى لاختلاق أكذوبة الإبادة وتحريف الوقائع، هي نفسها من ارتكبت مجازر دموية في التاريخ، ولا تزال تلك الفظائع حاضرة في الذاكرة الجماعية حتى اليوم. عليهم أولًا مواجهة صفحاتهم السوداء قبل محاولة إلصاق التهم بغيرهم”.
العلاقات الثنائية والدور الإقليمي
وفي سياق الحديث عن الأنشطة الدولية، أكد العميد أكتورك أن القوات المسلحة التركية تشارك في عدة مهام خارجية وأنشطة تدريب واستشارة بالتعاون مع دول صديقة وحليفة، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تهدف إلى دعم السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن إسطنبول ستستضيف مؤتمر رؤساء أركان جيوش دول البلقان الثامن عشر خلال الفترة من 27 إلى 29 مايو الجاري، بمشاركة رؤساء أركان 10 دول من منطقة البلقان، بالإضافة إلى كبار مسؤولي الناتو.
موقف حازم تجاه إسرائيل
وفيما يخص التصعيد الإسرائيلي في غزة، وجّه أكتورك انتقادًا لاذعًا إلى تل أبيب، مؤكدًا أن “استمرار إسرائيل في ارتكاب مجازر جماعية، واعتدائها حتى على الدبلوماسيين، يُظهر مدى بعدها عن طريق السلام”.
وأضاف: “نؤكد على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات حقيقية ضد إسرائيل بما يتماشى مع مسؤولياته القانونية والإنسانية، في ظل استمرار المجازر بحق الأطفال ومنع وصول المساعدات الإنسانية ومحاولات تهجير الفلسطينيين”.
المصدر: تركيا الان