بسبب التقلبات في الأسواق العالمية والتغيرات المستمرة في سعر صرف العملات، يسجل الذهب أرقامًا قياسية جديدة بشكل متكرر. إذًا، لماذا يرتفع سعر غرام الذهب؟ ومتى يمكن أن ينخفض؟ من السعر العالمي للأونصة إلى سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية، ومن توازن العرض والطلب إلى التكاليف المحلية — إليكم جميع العوامل الحاسمة التي تؤثر على أسعار الذهب.
يُعد الذهب في تركيا من أكثر أدوات الاستثمار تفضيلًا، إضافة إلى كونه جزءًا أساسيًا من المناسبات الاجتماعية مثل الولادات، الأعراس، والعادات التقليدية. وفي السنوات الأخيرة، تسببت التقلبات اليومية والارتفاعات القياسية في أسعار الذهب في إثارة العديد من التساؤلات لدى المستثمرين حول: “كيف يتم تحديد أسعار الذهب؟”
وفي تقرير مصوّر نشرته قناة BBC Türkçe عبر يوتيوب، تم استعراض تقييمات حول أسباب ارتفاع وانخفاض أسعار الذهب.
كيف يتم حساب سعر غرام الذهب؟
لفهم سبب ارتفاع أسعار الذهب، علينا أولاً معرفة كيف يتم احتساب سعر غرام الذهب.
في الأسواق العالمية، لا يتم تسعير الذهب بالغرام، بل يُحدد سعره بوحدة الأونصة، حيث تعادل الأونصة الواحدة نحو 31.1 غرامًا.
أما في تركيا، فيبدأ حساب سعر غرام الذهب بضرب السعر العالمي للأونصة بسعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية في ذلك اليوم. بعد ذلك، وبما أن الأونصة تساوي 31.1 غرامًا، يتم قسمة السعر الإجمالي المحسوب بالليرة التركية على 31.1، وهكذا يتم تحديد سعر غرام الذهب الخام في السوق.
على سبيل المثال: إذا كان سعر أونصة الذهب في الأسواق العالمية 3000 دولار، وسعر صرف الدولار 38 ليرة تركية، يتم ضرب 3000 في 38، ليكون الناتج 114,000 ليرة. بعد ذلك يُقسم هذا الرقم على 31.1، ليكون الناتج حوالي 3,665 ليرة، وهو سعر غرام الذهب وفقًا للأرقام الواردة في المثال.
الأسواق العالمية هي القوة المحددة في أسعار الذهب
منذ عام 1919، كان يُعتمد سعر موحد للذهب حول العالم. حيث لعب سوق لندن للذهب لفترة طويلة دورًا حاسمًا في تحديد أسعار الذهب عالميًا. أما اليوم، فأصبحت أسواق الذهب تشهد تقلبات على مدار 24 ساعة، إذ تؤثر حركة الأسواق في آسيا وأوروبا وأمريكا بشكل مباشر على الأسعار، ما يؤدي إلى تغيرات لحظية في قيمة الذهب.
وفي تصريح لـ BBC Türkçe، ترجمه موقع تركيا الان٬ أوضحت الخبيرة الاقتصادية الأستاذة المشاركة د. فيليز إيريلماز أن قيمة الذهب في الأسواق العالمية تتحدد بناءً على توازن العرض والطلب، وأسعار الفائدة الحقيقية، وبيانات التضخم، وأرقام النمو الاقتصادي، والمخاطر الجيوسياسية، بالإضافة إلى سياسات البنوك المركزية، مشيرة إلى أن هذه العوامل الاقتصادية مجتمعة تشكل الأساس في تحديد سعر الذهب.
تأثير سعر صرف العملات على أسعار الذهب
إحدى الإجابات على سؤال “لماذا ترتفع أسعار الذهب؟” هي تأثير سعر الصرف. في تركيا، لا تتأثر أسعار الذهب فقط بسعر الأونصة الذي يتم تحديده في الأسواق العالمية، بل أيضًا بسعر صرف العملات—خاصة سعر الدولار مقابل الليرة التركية. عندما يرتفع سعر الدولار، حتى وإن بقي سعر الأونصة ثابتًا، فإن سعر غرام الذهب بالليرة التركية يزداد. ولذلك، فإن أي تحرك في سعر الصرف ينعكس مباشرة على أسعار الذهب.
وبحسب ما ذكرته الخبيرة الاقتصادية د. فيليز إيريلماز، عندما يفقد الدولار أو اليورو أو الجنيه الاسترليني قيمتهم، فإن أسعار الذهب ترتفع، لأن نفس الكمية من الذهب يمكن شراؤها بمزيد من الدولارات. وعلى العكس، عندما يقوى الدولار، فإن أسعار الذهب تنخفض.
اهتمام المستثمرين الأتراك بالذهب وأسبابه
تؤكد الخبيرة الاقتصادية د. فيليز إيريلماز أنه في تركيا، من المنطقي أكثر طلب غرام الذهب بدلاً من طلب العملات الأجنبية. والسبب في ذلك هو أن مستثمري الذهب يمكنهم حماية أنفسهم من ارتفاع سعر العملات الأجنبية في نفس الوقت الذي يستفيدون فيه من الزيادة في سعر الأونصة العالمية للذهب. وهذه هي واحدة من الأسباب الرئيسية وراء الطلب القوي على غرام الذهب في تركيا.
وتعكس آراء المواطنين أيضًا المكانة الخاصة التي يحتلها الذهب في تركيا. يُنظر إلى الذهب على أنه “ملاذ آمن” يُحتفظ به “تحت الوسادة”. كما يمكن استخدامه في النفقات الكبيرة مثل شراء منزل، وللكثيرين يُعتبر “الذهب دائمًا ذهبًا”. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل الذهب لكونه ملفتًا للأنظار وأداة استثمارية، مما يمنح الناس راحة نفسية.
تأثير الحرفية على أسعار الذهب
في تركيا، توجد العديد من أنواع الذهب المختلفة مثل الذهب عيار 24 قيراطًا، 22 قيراطًا، ربع الذهب، الذهب الجمهوري، الذهب بالغرام وغيرها. العيار يشير إلى درجة نقاء الذهب. عادة ما تكون الذهبات المخصصة للاستثمار من الذهب الخالص بنسبة نقاء 999.0 أو 995.0، مثل السبائك أو غرامات الذهب عيار 24. أما الذهب عيار 22 فيستخدم بشكل أكبر في عملات ربع الذهب، والأساور بدون حفر، والمجوهرات. الذهب عيار 14 يحتوي على مزيد من السبائك لزيادة المتانة، وعادة ما يُفضل في المجوهرات اليومية. عند تحديد السعر النهائي للذهب، يتم ضرب النقاء بالعيار، ثم تضاف تكاليف الحرفية، وهوامش ربح الصائغ، والضرائب. خاصة في المنتجات التي تحتوي على الكثير من الحرف اليدوية، قد تتجاوز الأسعار القيمة الأساسية للذهب بشكل كبير. لهذا السبب، يفضل المستثمرون عادة شراء الذهب على شكل سبائك أو غرامات أو عملات ربع الذهب أو الأساور بدون حفر.
كيف تنخفض أسعار الذهب؟
في النهاية، تتشكل أسعار الذهب في تركيا إلى حد كبير من خلال سعر الأونصة في الأسواق العالمية وسعر صرف العملات (وخاصة سعر الدولار مقابل الليرة التركية). بالإضافة إلى هذه العوامل الأساسية، تُضاف أيضًا عوامل مثل الطلب المحلي، تكاليف الحرفية، هوامش الأرباح، والضرائب لتحديد الأسعار النهائية. ورغم كل هذه العوامل، يظل الذهب يحافظ على أهميته في تركيا سواء كأداة استثمارية أو كقيمة ثقافية.
العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على انخفاض أسعار الذهب هي كما يلي:
ارتفاع قيمة الدولار: عندما يرتفع الدولار، قد يقل جاذبية الذهب المقوم بالدولار.
انخفاض سعر الأونصة: عندما ينخفض سعر الأونصة في الأسواق العالمية، تنخفض قيمة الذهب بالغرام أيضًا.
فائض العرض على الطلب: عندما يكون عرض الذهب مرتفعًا والطلب منخفضًا، تميل الأسعار إلى الانخفاض.
ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية: الفائدة الحقيقية المرتفعة تجعل الاستثمارات ذات العائد من الفوائد أكثر جذبًا مقارنة بالذهب.
انخفاض معدل التضخم: يُعتبر الذهب أداة لحماية ضد التضخم، وإذا انخفض التضخم، قد يقل الطلب على الذهب.
البيانات الاقتصادية الإيجابية: المؤشرات الاقتصادية القوية قد تدفع المستثمرين نحو الأصول ذات المخاطر العالية، مما يقلل من الطلب على الذهب.
انخفاض المخاطر الجيوسياسية: في فترات الأزمات، يُفضّل الذهب كملاذ آمن، ولكن عندما تنخفض المخاطر الجيوسياسية، قد يقل الطلب عليه.