أثار التقدّم المتسارع الذي حققته تركيا في مجال صناعة الطائرات المُسيّرة قلقًا واسعًا لدى الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل، وسط تحذيرات من تهديدات تجارية وجيوسياسية باتت تُحاصر تل أبيب.
وفي تقرير موسع نشرته صحيفة Jerusalem Post تحت عنوان “الطائرات المسيرة التركية المتقدمة في لبنان وسوريا”، اعترفت الصحيفة بأن الطائرات التركية المُسيّرة أصبحت منافسًا مباشرًا للطائرات الإسرائيلية، بفضل ميزتها في السعر والمرونة التشغيلية، إلى جانب قدرتها على تحقيق نتائج حاسمة في الميدان.
تركيا لم تعد مجرد منتج بل صانعة قواعد اللعبة
الدكتور هاي إيتان كوهين ياناروچاك، الباحث البارز في مركز ديان بجامعة تل أبيب، اعتبر أن التفوق التركي في مجال الطائرات المسيرة لا يقتصر على البعد التكنولوجي فقط، بل يحمل في طياته أبعادًا جيوسياسية عميقة. وقال:
“تركيا أصبحت من بين أكثر الدول تقدمًا في هذا المجال، وهي تفرض معادلات جديدة لا تخص إسرائيل فقط، بل تمتد لتطال العديد من دول المنطقة.”
وأشار التقرير إلى تصريح سابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال فيه إن “تركيا من بين الدول الثلاث الأولى عالميًا في تكنولوجيا الطائرات المسيرة”، وهو ما يعكس حجم القفزة النوعية في القدرات العسكرية التركية.
تهديد مزدوج: تجاري وجيوسياسي
بحسب ياناروچاك، فإن تفوق تركيا في هذا القطاع يمثل “تهديدًا مزدوجًا” لإسرائيل، موضحًا أن الخطر الأول تجاري، حيث قال:
“تركيا قد تعيق صادرات إسرائيل؛ فهي أرخص، أكثر مرونة، ولديها رغبة أكبر في التصدير.”
أما التهديد الثاني، فهو جيوسياسي، ويتمثل في توسّع النفوذ التركي ليطال مناطق حساسة قريبة من إسرائيل، حيث أضاف:
“التكنولوجيا التركية باتت تطرق أبواب البيئة الإقليمية القريبة من إسرائيل، وهذا ما يثير قلقنا الاستراتيجي.”
سوريا ولبنان في مرمى الطائرات المسيرة التركية
أشار التقرير إلى أن الطائرات المُسيّرة التركية لا تُستخدم كسلاح حربي فقط، بل تُوظف أيضًا كأداة استراتيجية فعالة. وقال ياناروچاك:
“ليس من قبيل المصادفة أن يلمّح الرئيس أردوغان إلى إمكانية إرسال هذه الأنظمة إلى لبنان. من المحتمل أن نراها قريبًا في أجواء سوريا أو لبنان.”
وتناول المقال أيضًا تصريح وزير الدفاع التركي الذي قال فيه:
“إذا وصلنا طلب، يمكننا تزويد سوريا بالسلاح والذخيرة”،
ما يفتح الباب أمام سيناريو جديد لتواجد الطائرات التركية المُسيّرة في العمق السوري، ليس فقط كمراقب، بل كفاعل رئيسي.
نجاحات في إفريقيا والقوقاز والشرق الأوسط
ولفت التقرير إلى أن نجاحات الطائرات التركية لم تقتصر على المنطقة العربية، بل امتدت إلى إفريقيا والقوقاز. وأبرز مثال على ذلك ما حدث في إثيوبيا، حيث استخدمت الحكومة طائرات “بيرقدار” التركية في حسم المواجهة مع المتمردين.
وأكد ياناروچاك أن تركيا “باتت المورّد المفضل للعديد من الدول، بفضل مرونتها وتجنّبها الانخراط في جدالات حقوق الإنسان، على عكس السياسات الغربية التي تقيّد صادراتها العسكرية”.
ترجمة وتحرير تركيا الان