أنت في وضع التصفح السريع. اضغط لإظهار الصور والتمتع بتجربة كاملة.

واحد من كل ثلاثة أتراك سيكون فوق 65 عامًا.. تقرير صادم من معهد الإحصاء التركي

 

تواجه تركيا أزمة ديموغرافية صامتة بدأت تفرض نفسها على الأجندة الوطنية. وتشير بيانات معهد الإحصاء التركي (TÜİK) إلى أن البلاد تسير بخطى متسارعة نحو شيخوخة سكانية مشابهة لما تعيشه اليابان اليوم، وسط تحذيرات من تداعيات اجتماعية واقتصادية وصحية واسعة النطاق ما لم تُتخذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب.

نمو غير مسبوق في أعداد كبار السن
وفقًا لتقرير معهد الإحصاء التركي، الذي نشرته صحيفة صباح وترجمه موقع تركيا الان٬ ارتفع عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق بنسبة 20.7% خلال السنوات الخمس الماضية، ليصل إلى أكثر من 9.1 مليون نسمة في عام 2024، مقارنة بـ7.5 مليون في 2019. وارتفعت نسبة كبار السن من إجمالي عدد السكان من 9.1% إلى 10.6% خلال الفترة نفسها، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 13.5% بحلول 2030، و33.6% بحلول 2100، وفقًا للتوقعات الرسمية.

تحذيرات من سيناريو اليابان
على غرار ما حدث في اليابان – حيث تجاوزت نسبة من هم فوق 80 عامًا حاجز 10%، واضطرت شركات عدة لتحويل نشاطها من إنتاج حفاضات الأطفال إلى حفاضات البالغين – تتجه تركيا إلى واقع مشابه قد يشهد زيادة في الطلب على منتجات وخدمات مخصصة لكبار السن بدلًا من الشباب.

وفي اليابان، ارتفعت مؤخرًا نسبة الجرائم البسيطة التي يرتكبها كبار السن بدافع اليأس أو للهروب من عبء الرعاية المنزلية، في ظاهرة تُعزى إلى الوحدة والضغوط الاقتصادية والاجتماعية. ويرى الخبراء أن هذه الظاهرة تمثل جرس إنذار مبكرًا لتركيا.

تغيّرات مرتقبة في السياسة والاقتصاد والمجتمع
قال البروفيسور د. إسماعيل توان، رئيس قسم علم الشيخوخة في جامعة موش ألب أرسلان، إن المجتمع التركي يتجه نحو واقع سيكون فيه واحد من كل ثلاثة أشخاص من كبار السن بحلول عام 2050، مما سيؤدي إلى تحولات جذرية في السياسة والاقتصاد والبنية الأسرية.

وأشار توان إلى أن هذا التغير سيفرض على الدولة رفع سن التقاعد، وتوسيع نطاق الخدمات الصحية والاجتماعية، مع ضرورة تطوير حلول جديدة للرعاية في ظل تقلص حجم الأسرة التقليدية وزيادة عدد المنازل ذات الشخص الواحد.

اقتصاديًا، من المرجح أن يؤدي تراجع عدد السكان في سن العمل إلى تباطؤ النمو وزيادة الضغط على أنظمة الضمان الاجتماعي، ما يتطلب تعزيز مشاركة كبار السن في سوق العمل ورفع كفاءة وتوظيف الشباب.

الشيخوخة لم تعد مسألة فردية
أكدت الخبيرة الاجتماعية بيضاء نور دميرجان أن الشيخوخة لم تعد قضية فردية، بل تحولت إلى مشكلة عامة تتطلب تدخلاً حكوميًا عاجلًا. ودعت إلى تبني سياسات حضرية تراعي احتياجات كبار السن كما هو الحال في الدول الإسكندنافية مثل فنلندا، من خلال إعادة تصميم الأرصفة، والحدائق، والخدمات الرقمية بما يتناسب مع أعمارهم.

وأوضحت أن ازدياد التحضّر، وتزايد التحاق النساء بسوق العمل، وتغير البنية الاجتماعية، كلها عوامل تقلل من قدرة الأسر على تقديم الرعاية، مما يستدعي تطوير خدمات رعاية مؤسسية وشبه منزلية متكاملة.

أزمة نفسية على مستوى المجتمع
الخبير النفسي غوكهان إيرغور حذر من أن التغير الديموغرافي لا ينعكس فقط على الاقتصاد والمجتمع، بل يمتد إلى البنية النفسية. فارتفاع عدد كبار السن يؤدي إلى تصاعد مشاعر اليأس والعزلة وفقدان الدور الاجتماعي.

وأشار إلى أن الضغوط لا تطال كبار السن فقط، بل تمتد إلى الأجيال الشابة التي تجد نفسها بين مسؤولية رعاية الوالدين والسعي لبناء المستقبل، ما يعرضهم للإرهاق النفسي والاكتئاب، خاصة في ظل غياب دعم نفسي واجتماعي فعّال.

الطريق إلى المستقبل: رؤية استراتيجية مطلوبة
يجمع الخبراء على ضرورة تبني رؤية وطنية شاملة للتعامل مع الشيخوخة السكانية، تشمل:

  • إعادة تصميم نظام الرعاية الاجتماعية والصحية.
  • تطوير نظام تأمين للرعاية طويلة الأمد.
  • التوسع في تدريب وتوظيف مختصين في علم الشيخوخة (Gerontolog).
  • إطلاق حملات توعية مجتمعية حول الشيخوخة الإيجابية.
  • دعم استقلالية كبار السن عبر حلول تقنية ذكية وأنظمة نقل مرنة.

ترتيب تركيا عالميًا
بحسب تقديرات الأمم المتحدة لعام 2024، بلغ عدد سكان العالم نحو 8.16 مليار نسمة، من بينهم أكثر من 833 مليون فوق سن 65 عامًا، أي ما يمثل 10.2% من سكان العالم. واحتلت تركيا المرتبة 75 من أصل 194 دولة من حيث معدل الشيخوخة، بينما تصدرت موناكو، اليابان، وإيطاليا القائمة.
تركيا اليوم أمام مفترق طرق ديموغرافي حاسم. وإن لم تُتخذ خطوات عاجلة، فقد تجد نفسها في مواجهة واقع شبيه باليابان، حيث تُرهق الشيخوخة المتسارعة المجتمع بأكمله. الحلول ممكنة، لكن النافذة الزمنية تضيق يومًا بعد يوم.

شاركها
غردها
أرسلها
أنشرها

قد يعجبك هذا

مختــــــــــــــارات